علاقة السنة المطهرة بالقرآن الكريم

المسلمون ملزمون بالسنة المطهرة ، كما هم ملزمون بالقرآن الكريم ، لا فرق بينهما بحال من الأحوال ، فمصدرهما واحد وهو الله تعالى.

قال تعالى" كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون"

فالمراد بالكتاب هو القرآن الكريم ،

والحكمة هي السنة المطهرة .



ونستطيع أن نقسم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قسمين:

- ما أتى به الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم:
فهو معصوم فيه من الخطأ ، سواء كان ذلك قرآنا كريما أو سنة مطهرة .


- ما اجتهد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قسمان:

· القسم الأول:
ما سكت الوحي عليه ، فهذا إقرار من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم على ما اجتهد فيه ، وهو صواب لا يحتمل الخطأ ، لأن الله تعالى لا يقر رسوله على الخطأ



· القسم الثاني :
ما صوبه الوحي ، فهو كما صوب

مثال ذلك : ما جاء بشأن أسرى بدر .. لما قبل الرسول صلى الله عليه وسلم الفداء من المشركين في مقابل أن يرد عليهم أسراهم ، عاتبه الله في ذلك ، ثم أباح له الغنائم التي لم يحلها الله لأحد من الأنبياء قبله.
"ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم* فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم"




ومن هنا أخذ النص الشرعي قداسته ، سواء كان هذا النص من القرآن الكريم أو السنة المطهرة الثابته،

فلا يجوز لمسلم أن يرد شيئا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.





العلاقة بين الكتاب والسنة:

العلاقة بينهما هي علاقة تكامل وهي بإيجاز كما يلي :

· السنة المطهرة هي المبينة والشارحة لما أجمل في القرآن :
وذلك لأن الله تعالى أوكل لنبينه تبيين القرآن الكريم وتبيين القرآن إنما هو في السنة المطهرة
قال تعالى" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون "


مثال ذلك :
أمر الله تعالى بالصلاة في القرآن الكريم ، وتكرر ذلك كثيرا ، غير أنه سبحانه لم يبين في كتابه الكريم عدد الصلوات في اليوم والليلة ، ولا عدد الركعات ،ولا كيفية الصلاة ، إلى غير ذلك
فقام النبي بتبيين هذا الأمر غاية البيان بسنته العملية والقولية .
وقال صلى الله عليه وسلم :" صلوا كما رأيتموني أصلي" ، وبتوجيهاته القولية أيضا .

وكذلك بالنسبة للزكاة والصيام والحج وغير ذلك .




· السنة المطهرة تخصص عام القرآن :

تعريف العام:
هو اللفظ الذي يدل على شموله لجميع الأفراد التي يصدق عليها معناه من غير حصر في كمية معينة
مثل لفظ (كل) ولفظ ( جميع) والمفرد المعرف بـ (ال) كالسارق والزاني وغير ذلك


والتخصيص :
هو تبيين أن مراد الشارع من العام بعض أفراده لا جميعها


مثال:

قول الله تعالى :" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم"

هذا العموم الوارد في الآية ، خصصته السنة ، حيث جعلت القطع خاصا بمن سرق نصابا معينا ، وألا يكون السارق مضطرا ليحفظ نفسه من الهلاك ، وغير ذلك من الشروط

فليس كل سارق تقطع يده

عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا"

قال الإمام الشافعي:
ولولا الاستدلال بالسنة وحكمنا بالظاهر ، قطعنا من لزمه اسم سرقة.


·

السنة المطهرة تقيد مطلق القرآن:

تعريف اللفظ المطلق:
هو ما دل على فرد غير مقيد لفظا بأي قيد .
مثل مصري

تعريف اللفظ المقيد :
هو ما دل على لفظ مقيد لفظا بأي قيد .
مثال : مصري مسلم

مثال ذلك:

قول الله تعالى :" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم"

فالآية الكريمة ، ورد فيها قطع يد السارق بدون قيد ، فهل تقطع اليد اليمنى أم اليسرى ؟ وما مقدار القدر المقطوع ؟

وقد استدل المجتهدين بالسنة العملية على تعيين المراد من الآية ، من رؤوس الأصابع إلى الرسغ في اليمنى.


·

السنة المطهرة تفسر القرآن :

فمن ذلك تفسير الظلم الوارد في قوله تعالى:" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم اولئك لهم الأمن وهم مهتدون"

فهم الصحابة أن المراد عموم الظلم ، فيشمل ذلك الذنوب كلها، كبيرها وصغيرها ،فشق عليهم ذلك

عنعبد الله بن مسعودقال": لما نزلت : الذينآمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : ليس هو كما تظنون إنما هو كما قاللقمانلابنه : يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم"


·

السنة المطهرة تؤسس الأحكام فيما ليس فيه نص كتاب:

مثل تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها في نكاح واحد ، وهذا أمر استقلت به السنة وليس له ذكر في القرآن .

عن جابر بن عبد الله قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها .